الثلاثاء، 18 مايو 2010

متي ياتي الصباح الذي يوقف الواد المباح

يتخذ العنف ضد المراة اشكال متعددة موغلة في القدم واختزاله في العنف الجسدي فقط

هو تخفيف من تلك الجرائم التي تنتهك حق المراة كانسان تحت دعاوي تبدا بالدين ولاتنتهي عند التقاليد.

.العنف الثقافي هو اسوأ أشكال الإضطهاد باعتباره المسوغ لكافة الانواع الاخري

,فالمرأة نتاج تراكمية تاريخية تلخصها اما كرمز للمتعة كما يظهر في روايات الجواري وهارون الرشيد والبلاطات الملكية

أو كوسيلة منجبة لاتحتاج لكثير مراعاة لانسانيتها أو كرمزلشرف الاسرة والقبيلة ككل وبالتالي يجب حمايتها من الانحلال الشخصي او الاستغلال من الغير,

بينما تجرد جرائم الرجال من عموميتها وتعامل كحدث فردي منبوذ من اخلاق مجتمعه,


وهكذا الغيت شخصيتها كانسان عاقل له حرية الحياة واتخاذ القرارات الي كائن ضعيف يحتاج دوما للوصاية

,وبرغم انتهاء الوأد في زمن الجاهلية, ألا انه يمارس اليوم بطرق مغايرة تقلص دورالمرأة في الحياة كشريك كامل الحقوق والواجبات.


الثقافة المتوارثة ايضا بادواتها المختلفة من قصص وشعر وأمثال مسؤولة بطريقة مباشرة عن النظرة الدونية للمرأة

فمقولات ك ( المرة كان فاس مابتكسر راس) تؤسس لتفوق ذكوري وشعور عام بنقص الثقة والكفاءة لدي المرأة
,

و (المرة بدقوها بي اختا) فيه انتقاص لكرامة المرأة ووجود تهديد دائم حتي لذلك الدور التقليدي لها

, هذه الثقافة المولدة للعنف تشكل احدي معيقات تقدم دور المرأة كشقيقة للرجال في الإعمار والتنمية.

العنف المجتمعي في مناطق كثيرة مثل غرب السودان يضع علي عاتق المراة جل مهام الاسرة من جلب الرزق وتيسير الحياة لباقي اسرتها بالاضافة لادوارها الطبيعية

كزوجة وام في المنزل ولذا عن طيب خاطر نجد ان المرأة هناك تسعي لتزويج زوجها باخري تشاركها هذه الاعباء الجسيمة


والكثير من المناطق الريفية تتعرض النساء لمتاعب جمة وضغط عالي لانجاز مهمات عظيمة مستمرة فالمراة تكون تماما كالساقية التي لاتتوقف ليل نهار عن العمل الدؤوب بلا اجر او حتي شكر,

نشوءالمرأة تحت السلطة الذكورية للأب, الأخ وآخيراً الزوج يجعلها دوما كائناً تابعاً مما يظهر بوضوح العنف الاسري

الذي يبدأ منذ الولادة حين يستاء الآباء من خروج فتاة للحياة بكل احتمالات الهموم و المشاكل
التي ستجلبها معها بدلا من صبي يحمل اسم العائلة ويسندها


ويستمرفي التربية غير المتساوية بينهما وحتي في اللعب فالفتيات منذ الصغر ي

تم تنميطهن باللعب ب (بِت أَم لِعاب والعروسة) وهذا يفرض دور تقليدي للفتيات ينشأ في اللاوعي المجتمعي ككل والنسائي خاصة.


ويتواصل القهر الاسري في السيطرة علي اتخاذ القرارات الشخصية المستقبلية في الزواج مثلا

وربما بالشراكة من الدولة في فرص اقل في التعليم, العمل والحقوق القانونية, كل هذا يكرس لمحدودية المرأة في دفع عجلة التنمية بالمساواة مع الرجل.


العنف يخضع للمفاهيم الاجتماعية فما يعد عنف في مجتمع قد لايعد عنف في مجتمع آخر,

لذا كثيراً قد تكون المرأة غير واعية به, هذه المفاهيم الذكورية المجحفة تترسب في نفسية وذهنية المرأة نفسها

وبالتالي لاتجد داعي للتحرر من كثير من الظلم الذي يقع عليها, باعتبار انه شئ طبيعي او واجب ظلت تستسلم له

بل وتدافع عنه كاحد مستحقات انوثتها وهكذا تضع المراة بنفسها تقسيمات الرجل كانسان اعلي والمراة ككائن اقل,

وعودة للمورثات الثقافية نجد ان اغاني البنات بعد ان كانت تحمل قيم مجتمعية مهمة حدث فيها هبوط حاد

كواحدة من مؤشرات الهبوط العام في المجتمع السوداني خلال العقدين السابقين

فقد تحولت الاغنية الي (بالضرا ان شاء الله راجل مرة) او (راجل المرة حلو حلا) واخيرا(بختي ان شاء الله راجل اختي)ه

وهكذا تساهم المراة بشكل او باخر في امتهان نفسها وتقليل شانها


فالغريب ان كثيرا ماتقهر المرأة امرأة أخري و كمثال لهذا جريمة الختان, فعلي الرغم من انه عادة تمثل مفاهيم ذكورية بحته

ويمارس باسم الشرف وقمع الفتاة كما تصور تلك النظرة ان المرأة كائن سهل الانحلال,


إلاّ ان أكثر من يهتم بهذا العادة ويصر عليها هم النساء وعلي الرغم مما تقاسيه المرأة فيها فانها تعيد تكرار تلك التجربة لظنها في اهميتها وقدسيتها,

وهذا اسوأ درجة يصل اليها العنف ان يتم شرعنته من المضطهد نفسه ثم يجد مباركة من المجتمع


فالبعض يعتبر الختان هو استجابة للشرع والاخر يجعلها عادة الاجداد وبالتالي تتخذ وضعية قدسية بينما هي جريمة شرف مبكرة ضد المرأة

لها اثارها السالبة جسديا ونفسيا تستمر طيلة حياتها وتعيق حتي ذلك الدور الذي تُختزل فيه كزوجة ومنجبة و كأم مربية.


السئ هو الاّ توجد قوانين تردع العنف, فاسقاط مادة منع الختان من قانون الطفل هو تراجع مؤسف

حتي وإن سُوغ له انه مفصل في القانون الجنائي بتصنيفات ختان ضار يعاقب عليه وآخر غير ضار يسمح به تحت فتوي مجمع الفقه الاسلامي


هذه التقسيمات هي نفسها عنف قانوني وشهادة صلاحية لهذه الجريمة وهذا أمر غريب بعد ان ثبتت اضراره اللامتناهية والقاعدة الفقهية العامة تقول (لاضرر ولا ضرر),ه


كما انه لازالت جرائم مثل الإغتصاب لاتجد رادع قوي يمنع تكرارها, وكما كان الجاهلي قديما يفتخر بوأد المراة العار,

يفتخر مرتكبو جرائم الشرف بالقتل ويجدون تعاطفا قانونيا واجتماعيا


اما الاكثر سوءً هو وجود قوانين تبيح هذا العنف كما في قانون النظام العام الذي يعرض النساء للجلد وليس له اي مبرر ديني او ثقافي او انساني كما يدعي مشرعوه.


غالبية النساء في العالم يتعرضن للعنف المباشر جسديا في الزواج او خارجه والتحرش الجنسي في الاماكن العامة لفظيا او ماديا مما يشكل عنفاً يتزايد بمعدل خطير

يندرج تحته حتي التحرش في اماكن العمل خاصة من اصحاب النفوذ في العمل مثل المدير علي

السكرتيرة ,,السئ ان هذه الحالة غالبا يصاحبها صمت تام خوفا من سلطته او من قطع الرزق

, كما تتعرض النساء لعنف اقتصادي في منع الحقوق والاموال وغيرها من اشكال الهيمنة الذكورية.

وعلي الرغم من وضع اتفاقية القضاء علي جميع اشكال التمايز ضد المراة(سيداو. 1979) ه

, الا ان المراة حتي في أكثر البلدان تحضرا تعاني من العنف الاسري والزوجي والتجارة بالجسد (الرقيق الابيض) الذي يعتبر تجارة مربحة لها شبكات عالمية.

في السودان لاتوجد دراسات كثيرة ومستوفية للعنف المباشر ضد المرأة لحساسية هذا الموضوع, في واحدة منها اجريت علي 492 أمراة متعلمة ومتزوجة يترددن علي مجمع صحي,

وجد ان نسبة الاعتدءآت بلغت 41% , منها54 % اعتداء بدني من حرق وركل وضرب,

اما رد الفعل فتفاوت بين 56% إستسلام,19% بكاء, 11%مقاومة , 6% طلب طلاق, 7% إخطار أحد الاقارب و 1% فقط نسبة أخطار الشرطة.

هذه الدراسة توضح بجلاء استسلام المرأة للعنف ضدها أما لضعفها نتيجة التنشأة او خوفها من العار والفضيحة وطلب الطلاق في مجتمع محافظ كالمجتمع السوداني

وتضييع المرأة لحقوقها عبر القانون ومن المؤكد وجود نسب اكبر في مجتمعات اقل تحضراً وتعليماً ومعرفة بالقوانين والحقوق وجرأة لمواجهة هذه الانتهاكات.

اسباب العنف الذكوري كثيرة اهمها الطبيعة غير السوية لبعضهم بسبب تنشئة المجتمع الذكورية أو عقد نفسية كامنة لديه, قهر في العمل,

المفاهيم المغلوطة عن الرجولة باعتبارها الهيمنة و عن المرأة باعتبارها كائن ضعيف سهل الإنحراف

لا إرادة أو عقل له يجب تقييده, كل هذا يؤدي للتفكك الاسري والطلاق والنشأة النفسية غير السوية للاطفال ,

باعتبار المراة نصف المجتمع و واهبة النصف الآخروأساس بناء المجتمع السوي,

من الغريب الاّ يكون التصدي لهذه الممارسات هو أولوية قصوي لكل المجتمع عبر نشر ثقافة احترام وتقدير للمراة ودورها العظيم

وسن قوانين اكثر مساواة في استحقاقات التعليم والعمل واخري أكثرصرامة لردع العنف وتوجيه الإعلام بالتوعية باهمية المساواة وكارثية غيابها ومخاطر العنف ضد المرأة علي المجتمع ككل

ولدحض النظرة التقليدية من تهميش واستضعاف وتمييز وعنف كما نشاهد في اغلب الاعمال الدرامية

خاصة الكوميدية التي تستحلب ضحكات الجمهور من الاذعان في نهاية المشهد في رغبة الرجل لتنفيذ امره في مشهد هزلي مبتزل

, كما ان اصلاح الكثير من المناهج التعليمية بذات الموجهات هو ادعي لتاسيس جيل جديد يعي هذه التشابكات

من المهم بمكان محاربة الأفكار الهدامة والمغلوطة التي تدَّعِي ان دعوات تحرر المراة هي

دعوات للتحرر من الدين والاخلاق ومحاربة تلك التي تستشري في جسد مورثاتنا الثقافية القديمة


ومن المهم كذلك لمنظمات المجتمع المدني نشر الوعي بمفهوم عدم التمييز علي اساس النوع

تحت اي مسوغ ومحاولة وصول مختلف شرائح النساء مع ضمان السرية والرغبة في المساعدة

**** **** ***** ****

علي الرغم من مرور كل تلك القرون الا انه لايزال شهريار(المجتمع, الرجل, المرأة المستلبة) يطالب

بالمزيد من القصص

ولايزال يصرخ الديك بالصياح

ويسكت شهريار عن الكلام المباح

ولايزال يقتل في الصباح


ولا يزال الوأد تحت تراب التقاليد او الدين او العيب والحرام يتواصل باشكال مختلفة ومتجددة

ولازلنا نتساءل عن المؤودة باي ذنبٍ تقتل؟؟؟؟؟ه

فمتي ياتي الصباح؟؟؟؟ه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق