المستنير في كل الازمان له دور فاعل في صياغة مشروع توعوي يمكن حتي ان يكون
صادما ومخالفا للمالوف , ينهض به من خلاله بمجتمعه ويدفعه نحو الحق والاصلاح
وينهض به نحو الارتقاء لركب الحضارة,, والاكثر هو كشف جوانب العطب في مركبة سير هذا المجتمع
هذا الدور المحوري يدفعه في المنطقة بين رحي السلطتين الدينية والسياسية
فكلاهما يؤطر لمجتمعه اطارا من التقديس غير قابل للمساس والخروج عليه دينيا
هو ضرب من الكفر و مفارقته سياسيا هو خيانة عظمي. كللاهما نفسه من
زوال سلطانه بالانغلاق وحجر الافكار وخنق الاصوات المخالفة.هذه المجابهة هي
موغلة في القدم,,منذ فجر التاريخ كل جديد يقابل بالمقاومة او حتي الرفض خاصة
اذا كان موروثا تقليديا في المجتمع..ورفض التغيير يستتبع معه رفض الاخر
مما ينتج عنهاعواقب كارثية..فاول جريمة في التاريخ كانت نتيجة عدم تقبل الاخر
والتعايش معه ورفض المستحدث حين رفض قابيل الاوامر الربانية بالزواج ومن ثم قتل اخيه هابيل
والتاريخ يتوقف عند الفيلسوف الايطالي برونو الذي تبني افكار كوبرنيكس ان الارض
ليست مركز الكون وانما هي مجرد كوكب يدور حول الشمس مخالفا بذلك عقيدة
الكنيسة القابضة علي مصائر الشعوب ايامها وثارت عليه الكنيسة واتهمته بالهرطقة
وقطعت لسانه ثم في لحظة مجنونة من لحظات التاريخ العابثة احرق امام الملا عبرة للاخرين
سياسة الترهيب للمفكر وادت كثير من الموجات الفكرية التي كان من الممكن ان تغير
مصير البشرية,,فالسلطة الحاكمة دينيا او سياسيا تهدف في كل العصور لاستخدام سلاحي
الترغيب والترهيب او الجزرة والعصا علي الطريقة الامريكية..هذا دفع العالم الايطالي
غاليلو غاللي بالانصياع لراي المحكمة حين خففت حكمه الي السجن المؤبد مقابل
الاعتراف امام الجماهير بالتراجع عن دورانية الارض..
رغم انه ردد هامسا وهو خارج من المحكمة,,مقولته الشهيرة جدا
ومع ذلك فهي تدور
ومنذ حرق برنو تواصل حرق التجديد او حتي التفكير بصوت عالي,,نجيب محفوظ تم تكفيره
وطعنه متعصب واصابه بعاهة في يده,,
والمثال الاشهر عن فرج فودة حين سال القاضي القاتل
كيف عرفت انه كافر,,اجابه من كتبه,,فساله وهل قرات كتبه,
,رد القاتل انا لا اعرف القراءة ولا الكتابة
وهذه يقودنا الي منحي اخر ,,ان المفكر له سطوة علي العامة من الناس فهذا الشخص
بسماعه فتوي الغزالي بكفر فرج فودة.. هاجت مشاعره الدينية وافكاره الفطيرة
وظن انه يخدم الاسلام بهذا,,ولهذا فان التكفير امر خطير ولعله اصبح من المعتاد انه
كلما ظهر مفكر...ظهر له مكفر
وفتح باب التكفير وتقسيمه الي اقسام هو مدعاة لمزيد من العنف الديني ويتحول
الدين من رحمة للعالمين الي مفرخ للعنف,,ولا يظن احد ان الكفر يطال مفكر بعيد
عن الدين او له اراء تستهدف العقيدة السوية ومقدساتها,,فليس اعظم من محنة الامام ابي حنيفة النعمان
احد ائمة المذاهب الاربعة,,حين كفر واستتيب عدة مرات في حياته,وبل وصل
الحد بعالم جليل مثل سفيان الثوري ان يقول عنه حين موته (الحمد لله الذي اراح
المسلمين منه,,لقد كان ينقض عري الاسلام عروة عروة,,وماولد في الاسلام مولود اشام منه)ه
المعتزلة واختلافهم مع الامام احمد بن حنبل كذلك,,فلهم محنة عظيمة قطعت اصلهم
ولم يصل الينا منهم سوي اخبار نكبتهم وبعض مبادئهم في حين انهم مثلوا طاقة
جديدة في الفكر الاسلامي وكانوا يقدمون العقل علي النقل في شرح الدين
كان من المفيد توصيل فكرهم واخذ الصالح منه وطرح الفاسد
ونلاحظ ان السلطة هنا تقف ضد المفكر,, حين حارب الخليفة المعتصم الامام احمد
والمؤسف انه كان من اكثر الخلفاء جهلا,وفسادا وبعدا عن العلم,
فالسلطة دائما تقف ضد المفكرين المناوئين لها وتعلي من قدر المؤيدين
*** *** ***
علي الجانب الاخر ظلت السياسة هي اكبر محرقة فكرية واداة للقضاء
علي الخصوم وظل التخوين هو السيف الذي تقطع به رقاب انتماءهم ويغتالهم معنويا
او حتي تصفيهم جسديا,,ولعل ماساة ابن رشد,,او كما اسماها الخاتم عدلان,,لعنة ابن رشد
,,حيث لم ياتي مفكر يحدث تغييرا في الفكر الاسلامي بعده ,,ابن رشد هذا
الذي افتي في قضايا فلسفية معلقة منذ ارسطو,, نفي واحرقت كتبه
في فاجعة تاريخية,,غير ان فكره امتد عبر القرون ونهل منه الغرب ,,يقولون عنه
عنه (لئن كان الذي فسر الطبيعة هو ارسطو,,فان الذي فسر ارسطو هو ابن رشد)ه
ماتعرض له من فواجع هو اقصاء سياسي,,حين انقلبت عليه السلطة,,
,فالخلافات الفكرية معه جلبت له الخصومة من الحكام والفقهاء معا
,,وتكاملت معها المكائد السياسية,,حين تعهد الفقهاء للحاكم يومها بحمل العامة علي
مزيد من الضرائب باسم الدين مقابل نفي ابن رشد وحرق كتبه ,,وقد كان,,
ونذكر المقولة القديمة :(لايكرم نبي في زمانه),ونضيف قول المحجوب,,(ولا في وطنه)ه
وهذه علاقة اخري ثنائية الاضرار بين المفكر والسلطة ,
,فالسلطة الظالمة تتخذ من الدين اولا غطاء مشروعية لتبرير وجودها اللاشرعي وكذلك
مطية لسلب البلاد و خداع العباد بان تتودد للعامة عن طريق وسيط ما ,لعجزها عن
الوصول للمواطن بخدمة مصالحه وتحقيق اولوياته بالعيش الكريم وذلك
لانه لاتجتمع مصلحتا الحاكم والمحكوم,,هذا الامر وضح جليا في تلك الكراهية العميقة
التي بثها نظام الجبهة ابان حرب الجنوب,,كغطاء لاغتصابه السلطة اولا
وثانيا مبررا للحرب علي كل خارج عن ارادتهم,,وثالثا ان دخول البلاد في حرب
يجعل كل ميزانيتها هي للحرب يستحيل معه تبين السلب والنهب,,كما يشكل
جرح نازف للعاطفة الدينية لاستجلاب المدد والعون لنصرة دين الله,,كما حدث فعل
و نذكر ايامها حين تعرض صور جون قرنق ,,كان يوصف بالعمالة والخيانة,
,جاء اليوم الذي هادنته وعرضت صوره والاغنية تردد : اهلا اهلا بيك ياحبيب
فديدن السلطةالظالمة هو هو في كل العصور.. دوما هو تخوين كل من يخالفها,,
*** *** ***
المفكر او اي مجدد في كل مجال يمكن ان يشكل مع السلطة اما عدو اذا خالفها
او ان يصبح معها وجهان لعملة واحدة,,اما ايمان منه بها,, او وصولية دشنها وقنن لها
مفكر اخر هو ميكافيلي في كتابه الامير,حين وصف البراغماتية بقوله ان الغاية
تبرر الوسيلة,,, خاصة اذا تم تدجين هذا المفكر فيصبح بوقا للنظام
,فالمفكر ليس انقي من السياسي و سلاحه الفكري اقوي من بطش السلطة
لما له من تاثير مستدام علي الشعوب,,في عهد نميري جمع حوله عدد هائل من التكنوقراط
الذين قننوا لاستمراره واضفاء صبغة المشروعية عليه,,ومنهم بالطبع الميكافيلي,,شيخ حسن
حين وضع قوانين سبتمبر لقهر الشعب اولا ,,ثم استخدمها لاقصاء خصمه سياسيا محمود محمد طه
حين اعلن الاخير وقوفه ضدها,,المؤسف ان الخلاف كان سياسيا وروج له دينيا
وهنا يمكن القول ان كثيرا مايكون هناك تحالف غير مقدس بين السياسي
ورجل الدين لتمرير اجندة محددة مخالفة لاصول الدين والسياسة نفسيهما,,
هذا التحالف يسوغ للانظمة المستبدة وجماعات الهوس الديني لتديد جذورهما الفاسدة اكثر
الغريب ان هذه العلاقة يمكن ان تكون معكوسة,,فغياب الحريات هو الاخر يمكن ان
يؤدي للهوس الديني,,فالكبت هو انسداد في مجري المجتمع يؤدي الي احتقان
وضلال ثم انفجار,,من قتل وحرق ,,الخ,,الخ
**** **** ****
لماذا تخاف السلطتين الدينية والسياسية من كل تجديد ؟اذا كانت ماتقوم به
علي صواب فالمفكر يدعم الحاكم ويوضح اماكن الخلل ويبرز جوانب الامل
هناك جمود رهيب في الفكر الاسلامي,,من الخير دائما ان نستمع للاخر ونصححه او ندعمه
بدل المسارعة لتكفيره واقصائه,,حتي وان كان علي خطا فالحراك الفكري له قيمة في حد ذاته
وهذا الجمود هو ما ادخل اوربا قديما في العصور المظلمة,وهذا مانمر به الان حسبما اظن
حين كانت هناك قبضة كنسية تقسم السلطة الي عليا مستمدة من الله ودنيا اختص بها الله الرهبان
وبهذا هيمنوا علي مصائر الشعوب بل وحتي الملوك,,هناك الان
من يسيطر علي معتقداتنا الدينية ويمنح صكوك الغفران ويكفر و يدخل للدين من يشاء
الرسول(ص)يقول :(ان الله يبعث لهذه الامة علي راس كل مائة سنة من يجدد لها دينها)ه
الحضارة الاسلامية لم تزدهر الا بعد ان امتزجت مع الثقافات الاخري الفارسية
واليونانية والرومانية ونشطت حركة التراجم والتدوين,,علوم النحو واللغة نفسها
لم تزدهر الا عي يد الخليل الفراهيدي واضع علم العروض والنحو علي يد سيبويه الفارسي
والاطباء المسلمين الذين شغلوا العالم مثل الرازي وابن سينا لم يكونوا عربا
*** **** ****
الغرب الذي عاش تجربة الاضطهاد قوي عنده مفهوم المجتمع المدني الذي يحقق
التوافق بين المصالح العامة والخاصة,,حتي اصبح اقوي من سلطة الدولة
كما حدث وان استقال نينكسون بعد فضيحة تصنت الحزب الجمهوري للديمقراطي فيما
عرف ب(ووتر قيت)وكاد يلحقه كلينتون ب(مونيكا قيت),لاتخشي المجتمعات هناك
الانقلابات العسكرية وقوانين الطوارئ,,بل ينطلق المفكربحرية فضاء الفكر
في القرن الماضي عارض سارتر الحكومة الفرنسية وحوكم الا ان الرئيس الفرنسي
وقتها(بومبيدو) تدخل قائلا :لايمكن الزج بالثقافة خلف السجون
*** **** ***
الاعتراف الثقافي بالاخر هو مدخل طبيعي للحوار معه وتدوير افكاره
في اطار ماينفع كل مجتمع والانغلاق هو تضييع فرصة عظيمة لمحاولة التغيير
اذكر اني قرات قبل سنوات حوار للمستشرق الفرنسي جاك بيرك
قال في ما معناه انه قضي عشرين عاما في ترجمة القران الكريم للفرنسية وانه سعد
انه في الاسبوع الاول بيعت الاف النسخ في الجزائر لوحدها,,وعرف ان هذه المرة الاولي
للجزائريين ليفهموا الكثير من حكم القران ,,لانهم لايعرفون العربية,
,
وقال انه ارسل نسخة للازهر وفوجئ بعدها بهجوم الصحافة عليه ورفضها للترجمة
والذي استغرب له ان معظم مناوئيه كانوا جاهلين باللغة الفرنسية
وهذا يؤكد ان رفض التغيير غالبا يكون مصحوبا بجهل تام عن مكنونه
لماذا دوما نرفض التغيير؟؟ ونتخوف منه علي مستوي السلطة او حتي علي مستوانا الفردي
يمكن ان نحول الافكار - حتي وان كانت مضادة – الي فرصة ايجابية للتطور
المفكر الفرنسي الاشهر جان بول سارتر كان بحكم اصله اليهودي وبحكم فواجع
الهولوكست الالمانية,,متعصبا لاسرائيل ضد فلسطين,, مافعله جمهور المثقفين
هو مقاطعة افكاره,,الا هيكل ,,الذي قام بدعوته الي مصر والتقي بالمفكرين
لم يغير افكاره كلية ,,الا ان هذه الخطوة الذكية جعلته يتيح الفرصة لكتاب عرب مدافعين عن فلسطين
في منشورات فرنسية وصل بها صوت القضية الي بلدان لم تسمع الا الجانب اليهودي اعوام طويلة
*** *** ***
الحفاظ علي هوية دينية او ثقافية او او لايعني التحجر عليها,,بل هي اصل جذوره ثابتة
يتشرب ماء الثقافات والتغيير ويستطيع الوصول لعنان السماء ويطرح ثمرا جديدا
التجديد هو قراءة الارث القديم بعيون عقلانية مواكبة للقضايا الراهنة
قهر المثقف هو قهر لجيل كامل ولامة من بعده
اذا كنا علي حق..لماذا نخاف التجديد ؟؟ لماذا نخاف المفكر؟؟ه
اذا كان فكره سليما مرحبا به في اثراء الحياة واذا كان غير ذلك نواجهه بسلطة الفكر
ونبين خطاه,,كما حدث اخيرا مع مدعي مثل القمني,
,حين اثبت التفكير ان كلامه محض هراء وحتي شهادته مزورة
تقودني هذه الجزئية الي مقوله : لا اجتهاد مع النص
كيف لايكون هناك اجتهاد؟ النص هو الاحوج للاجتهاد لشرحه وبيان مدي صحته
ومطابقته والقياس عليه لامور اكبر
ملحوظة شخصية
اولي
الشريعة صالحة لكل زمان ومكان
نحن فقط لم نستطع فهمها وتطبيقها علي حياتنا
المجتمع المدني لايعني الدولة المدنية
ملحوظة ثانية
الاخر هذا الذي يجب تقبله هو كل من لايضهدني او يسرق قوتي او يضع السكين علي عنقي
هو فقط يختلف عني فكريا او فعليا,,ويعترف باحقيتي في الحياة والوطن
*** *** ***
صادما ومخالفا للمالوف , ينهض به من خلاله بمجتمعه ويدفعه نحو الحق والاصلاح
وينهض به نحو الارتقاء لركب الحضارة,, والاكثر هو كشف جوانب العطب في مركبة سير هذا المجتمع
هذا الدور المحوري يدفعه في المنطقة بين رحي السلطتين الدينية والسياسية
فكلاهما يؤطر لمجتمعه اطارا من التقديس غير قابل للمساس والخروج عليه دينيا
هو ضرب من الكفر و مفارقته سياسيا هو خيانة عظمي. كللاهما نفسه من
زوال سلطانه بالانغلاق وحجر الافكار وخنق الاصوات المخالفة.هذه المجابهة هي
موغلة في القدم,,منذ فجر التاريخ كل جديد يقابل بالمقاومة او حتي الرفض خاصة
اذا كان موروثا تقليديا في المجتمع..ورفض التغيير يستتبع معه رفض الاخر
مما ينتج عنهاعواقب كارثية..فاول جريمة في التاريخ كانت نتيجة عدم تقبل الاخر
والتعايش معه ورفض المستحدث حين رفض قابيل الاوامر الربانية بالزواج ومن ثم قتل اخيه هابيل
والتاريخ يتوقف عند الفيلسوف الايطالي برونو الذي تبني افكار كوبرنيكس ان الارض
ليست مركز الكون وانما هي مجرد كوكب يدور حول الشمس مخالفا بذلك عقيدة
الكنيسة القابضة علي مصائر الشعوب ايامها وثارت عليه الكنيسة واتهمته بالهرطقة
وقطعت لسانه ثم في لحظة مجنونة من لحظات التاريخ العابثة احرق امام الملا عبرة للاخرين
سياسة الترهيب للمفكر وادت كثير من الموجات الفكرية التي كان من الممكن ان تغير
مصير البشرية,,فالسلطة الحاكمة دينيا او سياسيا تهدف في كل العصور لاستخدام سلاحي
الترغيب والترهيب او الجزرة والعصا علي الطريقة الامريكية..هذا دفع العالم الايطالي
غاليلو غاللي بالانصياع لراي المحكمة حين خففت حكمه الي السجن المؤبد مقابل
الاعتراف امام الجماهير بالتراجع عن دورانية الارض..
رغم انه ردد هامسا وهو خارج من المحكمة,,مقولته الشهيرة جدا
ومع ذلك فهي تدور
ومنذ حرق برنو تواصل حرق التجديد او حتي التفكير بصوت عالي,,نجيب محفوظ تم تكفيره
وطعنه متعصب واصابه بعاهة في يده,,
والمثال الاشهر عن فرج فودة حين سال القاضي القاتل
كيف عرفت انه كافر,,اجابه من كتبه,,فساله وهل قرات كتبه,
,رد القاتل انا لا اعرف القراءة ولا الكتابة
وهذه يقودنا الي منحي اخر ,,ان المفكر له سطوة علي العامة من الناس فهذا الشخص
بسماعه فتوي الغزالي بكفر فرج فودة.. هاجت مشاعره الدينية وافكاره الفطيرة
وظن انه يخدم الاسلام بهذا,,ولهذا فان التكفير امر خطير ولعله اصبح من المعتاد انه
كلما ظهر مفكر...ظهر له مكفر
وفتح باب التكفير وتقسيمه الي اقسام هو مدعاة لمزيد من العنف الديني ويتحول
الدين من رحمة للعالمين الي مفرخ للعنف,,ولا يظن احد ان الكفر يطال مفكر بعيد
عن الدين او له اراء تستهدف العقيدة السوية ومقدساتها,,فليس اعظم من محنة الامام ابي حنيفة النعمان
احد ائمة المذاهب الاربعة,,حين كفر واستتيب عدة مرات في حياته,وبل وصل
الحد بعالم جليل مثل سفيان الثوري ان يقول عنه حين موته (الحمد لله الذي اراح
المسلمين منه,,لقد كان ينقض عري الاسلام عروة عروة,,وماولد في الاسلام مولود اشام منه)ه
المعتزلة واختلافهم مع الامام احمد بن حنبل كذلك,,فلهم محنة عظيمة قطعت اصلهم
ولم يصل الينا منهم سوي اخبار نكبتهم وبعض مبادئهم في حين انهم مثلوا طاقة
جديدة في الفكر الاسلامي وكانوا يقدمون العقل علي النقل في شرح الدين
كان من المفيد توصيل فكرهم واخذ الصالح منه وطرح الفاسد
ونلاحظ ان السلطة هنا تقف ضد المفكر,, حين حارب الخليفة المعتصم الامام احمد
والمؤسف انه كان من اكثر الخلفاء جهلا,وفسادا وبعدا عن العلم,
فالسلطة دائما تقف ضد المفكرين المناوئين لها وتعلي من قدر المؤيدين
*** *** ***
علي الجانب الاخر ظلت السياسة هي اكبر محرقة فكرية واداة للقضاء
علي الخصوم وظل التخوين هو السيف الذي تقطع به رقاب انتماءهم ويغتالهم معنويا
او حتي تصفيهم جسديا,,ولعل ماساة ابن رشد,,او كما اسماها الخاتم عدلان,,لعنة ابن رشد
,,حيث لم ياتي مفكر يحدث تغييرا في الفكر الاسلامي بعده ,,ابن رشد هذا
الذي افتي في قضايا فلسفية معلقة منذ ارسطو,, نفي واحرقت كتبه
في فاجعة تاريخية,,غير ان فكره امتد عبر القرون ونهل منه الغرب ,,يقولون عنه
عنه (لئن كان الذي فسر الطبيعة هو ارسطو,,فان الذي فسر ارسطو هو ابن رشد)ه
ماتعرض له من فواجع هو اقصاء سياسي,,حين انقلبت عليه السلطة,,
,فالخلافات الفكرية معه جلبت له الخصومة من الحكام والفقهاء معا
,,وتكاملت معها المكائد السياسية,,حين تعهد الفقهاء للحاكم يومها بحمل العامة علي
مزيد من الضرائب باسم الدين مقابل نفي ابن رشد وحرق كتبه ,,وقد كان,,
ونذكر المقولة القديمة :(لايكرم نبي في زمانه),ونضيف قول المحجوب,,(ولا في وطنه)ه
وهذه علاقة اخري ثنائية الاضرار بين المفكر والسلطة ,
,فالسلطة الظالمة تتخذ من الدين اولا غطاء مشروعية لتبرير وجودها اللاشرعي وكذلك
مطية لسلب البلاد و خداع العباد بان تتودد للعامة عن طريق وسيط ما ,لعجزها عن
الوصول للمواطن بخدمة مصالحه وتحقيق اولوياته بالعيش الكريم وذلك
لانه لاتجتمع مصلحتا الحاكم والمحكوم,,هذا الامر وضح جليا في تلك الكراهية العميقة
التي بثها نظام الجبهة ابان حرب الجنوب,,كغطاء لاغتصابه السلطة اولا
وثانيا مبررا للحرب علي كل خارج عن ارادتهم,,وثالثا ان دخول البلاد في حرب
يجعل كل ميزانيتها هي للحرب يستحيل معه تبين السلب والنهب,,كما يشكل
جرح نازف للعاطفة الدينية لاستجلاب المدد والعون لنصرة دين الله,,كما حدث فعل
و نذكر ايامها حين تعرض صور جون قرنق ,,كان يوصف بالعمالة والخيانة,
,جاء اليوم الذي هادنته وعرضت صوره والاغنية تردد : اهلا اهلا بيك ياحبيب
فديدن السلطةالظالمة هو هو في كل العصور.. دوما هو تخوين كل من يخالفها,,
*** *** ***
المفكر او اي مجدد في كل مجال يمكن ان يشكل مع السلطة اما عدو اذا خالفها
او ان يصبح معها وجهان لعملة واحدة,,اما ايمان منه بها,, او وصولية دشنها وقنن لها
مفكر اخر هو ميكافيلي في كتابه الامير,حين وصف البراغماتية بقوله ان الغاية
تبرر الوسيلة,,, خاصة اذا تم تدجين هذا المفكر فيصبح بوقا للنظام
,فالمفكر ليس انقي من السياسي و سلاحه الفكري اقوي من بطش السلطة
لما له من تاثير مستدام علي الشعوب,,في عهد نميري جمع حوله عدد هائل من التكنوقراط
الذين قننوا لاستمراره واضفاء صبغة المشروعية عليه,,ومنهم بالطبع الميكافيلي,,شيخ حسن
حين وضع قوانين سبتمبر لقهر الشعب اولا ,,ثم استخدمها لاقصاء خصمه سياسيا محمود محمد طه
حين اعلن الاخير وقوفه ضدها,,المؤسف ان الخلاف كان سياسيا وروج له دينيا
وهنا يمكن القول ان كثيرا مايكون هناك تحالف غير مقدس بين السياسي
ورجل الدين لتمرير اجندة محددة مخالفة لاصول الدين والسياسة نفسيهما,,
هذا التحالف يسوغ للانظمة المستبدة وجماعات الهوس الديني لتديد جذورهما الفاسدة اكثر
الغريب ان هذه العلاقة يمكن ان تكون معكوسة,,فغياب الحريات هو الاخر يمكن ان
يؤدي للهوس الديني,,فالكبت هو انسداد في مجري المجتمع يؤدي الي احتقان
وضلال ثم انفجار,,من قتل وحرق ,,الخ,,الخ
**** **** ****
لماذا تخاف السلطتين الدينية والسياسية من كل تجديد ؟اذا كانت ماتقوم به
علي صواب فالمفكر يدعم الحاكم ويوضح اماكن الخلل ويبرز جوانب الامل
هناك جمود رهيب في الفكر الاسلامي,,من الخير دائما ان نستمع للاخر ونصححه او ندعمه
بدل المسارعة لتكفيره واقصائه,,حتي وان كان علي خطا فالحراك الفكري له قيمة في حد ذاته
وهذا الجمود هو ما ادخل اوربا قديما في العصور المظلمة,وهذا مانمر به الان حسبما اظن
حين كانت هناك قبضة كنسية تقسم السلطة الي عليا مستمدة من الله ودنيا اختص بها الله الرهبان
وبهذا هيمنوا علي مصائر الشعوب بل وحتي الملوك,,هناك الان
من يسيطر علي معتقداتنا الدينية ويمنح صكوك الغفران ويكفر و يدخل للدين من يشاء
الرسول(ص)يقول :(ان الله يبعث لهذه الامة علي راس كل مائة سنة من يجدد لها دينها)ه
الحضارة الاسلامية لم تزدهر الا بعد ان امتزجت مع الثقافات الاخري الفارسية
واليونانية والرومانية ونشطت حركة التراجم والتدوين,,علوم النحو واللغة نفسها
لم تزدهر الا عي يد الخليل الفراهيدي واضع علم العروض والنحو علي يد سيبويه الفارسي
والاطباء المسلمين الذين شغلوا العالم مثل الرازي وابن سينا لم يكونوا عربا
*** **** ****
الغرب الذي عاش تجربة الاضطهاد قوي عنده مفهوم المجتمع المدني الذي يحقق
التوافق بين المصالح العامة والخاصة,,حتي اصبح اقوي من سلطة الدولة
كما حدث وان استقال نينكسون بعد فضيحة تصنت الحزب الجمهوري للديمقراطي فيما
عرف ب(ووتر قيت)وكاد يلحقه كلينتون ب(مونيكا قيت),لاتخشي المجتمعات هناك
الانقلابات العسكرية وقوانين الطوارئ,,بل ينطلق المفكربحرية فضاء الفكر
في القرن الماضي عارض سارتر الحكومة الفرنسية وحوكم الا ان الرئيس الفرنسي
وقتها(بومبيدو) تدخل قائلا :لايمكن الزج بالثقافة خلف السجون
*** **** ***
الاعتراف الثقافي بالاخر هو مدخل طبيعي للحوار معه وتدوير افكاره
في اطار ماينفع كل مجتمع والانغلاق هو تضييع فرصة عظيمة لمحاولة التغيير
اذكر اني قرات قبل سنوات حوار للمستشرق الفرنسي جاك بيرك
قال في ما معناه انه قضي عشرين عاما في ترجمة القران الكريم للفرنسية وانه سعد
انه في الاسبوع الاول بيعت الاف النسخ في الجزائر لوحدها,,وعرف ان هذه المرة الاولي
للجزائريين ليفهموا الكثير من حكم القران ,,لانهم لايعرفون العربية,
,
وقال انه ارسل نسخة للازهر وفوجئ بعدها بهجوم الصحافة عليه ورفضها للترجمة
والذي استغرب له ان معظم مناوئيه كانوا جاهلين باللغة الفرنسية
وهذا يؤكد ان رفض التغيير غالبا يكون مصحوبا بجهل تام عن مكنونه
لماذا دوما نرفض التغيير؟؟ ونتخوف منه علي مستوي السلطة او حتي علي مستوانا الفردي
يمكن ان نحول الافكار - حتي وان كانت مضادة – الي فرصة ايجابية للتطور
المفكر الفرنسي الاشهر جان بول سارتر كان بحكم اصله اليهودي وبحكم فواجع
الهولوكست الالمانية,,متعصبا لاسرائيل ضد فلسطين,, مافعله جمهور المثقفين
هو مقاطعة افكاره,,الا هيكل ,,الذي قام بدعوته الي مصر والتقي بالمفكرين
لم يغير افكاره كلية ,,الا ان هذه الخطوة الذكية جعلته يتيح الفرصة لكتاب عرب مدافعين عن فلسطين
في منشورات فرنسية وصل بها صوت القضية الي بلدان لم تسمع الا الجانب اليهودي اعوام طويلة
*** *** ***
الحفاظ علي هوية دينية او ثقافية او او لايعني التحجر عليها,,بل هي اصل جذوره ثابتة
يتشرب ماء الثقافات والتغيير ويستطيع الوصول لعنان السماء ويطرح ثمرا جديدا
التجديد هو قراءة الارث القديم بعيون عقلانية مواكبة للقضايا الراهنة
قهر المثقف هو قهر لجيل كامل ولامة من بعده
اذا كنا علي حق..لماذا نخاف التجديد ؟؟ لماذا نخاف المفكر؟؟ه
اذا كان فكره سليما مرحبا به في اثراء الحياة واذا كان غير ذلك نواجهه بسلطة الفكر
ونبين خطاه,,كما حدث اخيرا مع مدعي مثل القمني,
,حين اثبت التفكير ان كلامه محض هراء وحتي شهادته مزورة
تقودني هذه الجزئية الي مقوله : لا اجتهاد مع النص
كيف لايكون هناك اجتهاد؟ النص هو الاحوج للاجتهاد لشرحه وبيان مدي صحته
ومطابقته والقياس عليه لامور اكبر
ملحوظة شخصية
اولي
الشريعة صالحة لكل زمان ومكان
نحن فقط لم نستطع فهمها وتطبيقها علي حياتنا
المجتمع المدني لايعني الدولة المدنية
ملحوظة ثانية
الاخر هذا الذي يجب تقبله هو كل من لايضهدني او يسرق قوتي او يضع السكين علي عنقي
هو فقط يختلف عني فكريا او فعليا,,ويعترف باحقيتي في الحياة والوطن
*** *** ***